مقالات

ترويض العقول : الريلزات تجعلنا أسرى التغيير الدائم

طارق المياحي

لم يعد الإدمان على مواقع التواصل الاجتماعي مجرد ظاهرة اجتماعية عابرة بل أصبح خطراً حقيقياً يهدد الأفراد والمجتمعات على حد سواء.
أحدث مظاهره يتمثل في “الريلز” أو المقاطع القصيرة التي غزت حياة الملايين
هذه المقاطع لا تتجاوز ثلاثين ثانية لكن تأثيرها يمتد إلى ساعات طويلة من يوم الإنسان والخبراء يحذرون من أن التعود على هذا النمط يخلق سلوكيات جديدة غير صحية في المستقبل فقد أصبح من الطبيعي أن يسعى الفرد إلى التغيير المستمر سواء في قراراته أو في اهتماماته أو حتى في أسلوب حياته الأمر الذي أدى إلى تراجع مستوى الصبر والقدرة على الانتظار حتى في ابسط الاشياء
تقارير دولية حديثة تؤكد أن المستخدم العادي يقضي أكثر من ساعتين يومياً او اكثر يتنقل بين هذه المقاطع القصيرة
ما يعني أن وقتا ثمينا يضيع في متابعة محتوى متقطع وسريع وغير مفيد اغلب الاحيان الأطباء النفسيون يشيرون إلى أن هذه الظاهرة تؤثر بشكل مباشر على التركيز وتزيد من معدلات القلق والتوتر كما تزرع شعورا دائما بعدم الرضا والبحث عن الجديد باستمرار الأطفال هم الفئة الأكثر عرضة للخطر إذ ينشأون في بيئة لا تعرف الصبر ولا تمنحهم فرصة للتأمل بل تدفعهم إلى البحث عن الإثارة السريعة والنتائج الفورية اليوم المجتمع بدوره يدفع الثمن فالإنتاجية تتراجع والقدرة على الإنجاز تقل بينما تتسع الفجوة بين الواقع الرقمي السريع والواقع الحقيقي البطيء الخبراء يصفون هذا التحول بأنه “ترويض للعقول”حيث اعتاد المستخدم على التغيير الدائم حتى أصبح أسيراً لإيقاع المنصات الرقمية
وللتوضيح ان تعريف ترويض العقول من الناحية اللغوية هو ( يعني تدريبها أو إخضاعها وتوجيهها بطريقة تجعلها مطاوعة وقابلة للتحكم أو التوجيه ) اما تعريفها اصطلاحا
هي ( عملية منظمة ومستمرة تهدف إلى تشكيل طريقة تفكير الأفراد أو الجماعات عبر التكرار والتأثير النفسي والإعلامي والثقافي بحيث يتم توجيههم نحو تبني أفكار وسلوكيات محددة وغالبا دون وعي كامل منهم )
ويبقى السؤال المطروح:
هل نستطيع التحرر من هذا السجن غير المرئي…؟
أم أننا سنواصل العيش في عالم تحدد إيقاعه في ثلاثون ثانية فقط.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *