الملتقى الثقافي النعماني

المواطنة…. بين الواقع المدقع و اللاوعي

محمد حمزة صبار

يقول هيجل ( العالم لا يتغير بذاته وإنما الوعي هو الذي يغير العالم ) واذا ما سرنا بذلك الاتجاه مع اقران ذلك بالأدلة والشواهد عبر حقب زمنية مختلفة وجدنا أنفسنا منطقياً نسلم به ، معولين على ما قد اوجده العقل المدرك او الواعي من امجاد وحضارات على مر العصور المختلفة ،و في جانب آخر لو تأملنا ببعض الاراء التي قد تشكل حالة نقيضة لما تم طرحه من قبل هيجل ومثال على ذلك ما جاء به ماركس وبقية المؤيدين لرأيه من علماء الاجتماع بأن الظروف التي تتوفر للمجتمع من ثروات طبيعية ومقومات الرفاهية وما تؤمنه الدولة له من أرضية صالحة هو ما يؤدي بالنتيجة إلى إيجاد الوعي والعلم والمعرفة ومنظومة القيم الاخرى، وان لم يتوفر لك ذلك فأنت كفرد غير مأثوم وليس عليك شيء من المسؤولية وما تمليه عليك في اخذ دورك في التغيير،
وهذا وان كان نسبياً قد يشكل حالة متيسرة او مقوم من مقومات النهوض المتاحة للمجتمع لكنه بنفس الوقت ينافي المنطق والعقل تماماً . اي بما معناه ان الوعي وليد الواقع او الظروف المواتية للمجتمع و إن الأمة لا تتغير بالوعي وإنما بما تمتلكه من مقومات النهوض من ثروات طبيعية وقوى إنتاجية وموارد اقتصادية مختلفة، ولو كان ذلك حقيقة لما آل حال العراق كمثال على ذلك لما آل اليه اليوم و هو بلد غني بالموارد الطبيعية المختلفة ولايزال يرزح تحت دياجير الظلم والاستبداد واستنزاف تلك الموارد بصورة عبثية وغير مسؤولة، دون أن يكون لتلك الموارد دور في النتاج الفكري والثقافي وإيجاد العلم والمعرفة ومن ثم إيجاد الوعي ولنأخذ من جانب آخر اليابان كحالة نقيضة لوجدنا على العكس من ذلك تماما فالدور كان للوعي واضح وجلياً في بناء الفكر السياسي الناضج وتغيير عقلية و واقع الإنسان فهي واحدة من أفقر بلدان العالم من حيث الموارد الطبيعية لكنها ثالث أكبر اقتصاد بالعالم فأين دور واقعهم المدقع بذلك دون الوعي؟
ولو تأملنا بقوله تعالى (أن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم ) لوجدنا في المعنى الدقيق لتلك الآية الكريمة هنا هو أن واقع المجتمع لا يتغير مالم يتغير وعيهم . ما أود توضيحه و ايصالهِ بتناول حالتين متناقضتين أحدهما غاب عنه الوعي فغاب ماضيه وحاضره وتبددت موارده وثرواته بأيدي عابث عابر سبيل . والآخر بالوعي والمعرفة أوجد لنفسه مكانة لامعة رغم عدم امتلاكه لأدنى مقومات النهوض لذلك أخوان كلكم مدعوون للعمل على توسيع رقعة الوعي المجتمعي فهو الركيزة الأساس لتقدم اي مجتمع و النهوض به و لِنوّلي ذلك الأمر أهمية بقدر نتاجه و دوره في تغيير الواقع

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *