بين سوء الفهم والاستغلال… هل يُصبح الدين غطاءً للفساد
صفاء رشيد حمودي
قول الطبيب والمؤرخ الفرنسي “غوستاف لوبان” ان “الشعوب المتدينة لا تشعر بتأنيب الضمير عندما ترتكب خطأ أخلاقياً أو قانونياً، لأنها نشأت على مفهوم أن العبادات تمحو الذنوب، وهو ما يشكل أرضية خصبة لسوء الخلق” يثير نقاشًا عميقًا حول دور الدين في المجتمع ومدى تأثيرهُ على سلوكيات الأفراد ويُشير لوبان في مقولتهِ إلى ظاهرة خطيرة وهي استخدام الدين كغطاء و ذريعة لتبرير الأخطاء والسلوكيات غير الأخلاقية.
وهذا ما يؤدي إلى سوء فهم تعاليم الدين فقد يُسيء تفسير النصوص الدينية أو يُحرفها لخدمة مصالحه الشخصية مثل ما يحصل عند الجماعات المتطرفة وما أنتجت هذهِ الانحرافات في سوء تفسير النص من معاناة للعراقيين وتهديم ثلث العراق على يد “د|عش” تنظيم ديني إرهابي متطرف قادته هذه التفاسير إلى انحرافات فكرية شكلت خطرًا الإرهاب على جميع الدول العالم.
كما يتيح استغلال الدين لأغراض سياسية وقد استخدمت قيادات دينية الدين للتحكم في الناس والتلاعب بهم وجعل منهم إتباع وجماعات تعبئه توصلهم إلى السلطة مستغلين بها عناوين ورمزيات دينية ترتبط بعواطف الجماهير والجماعة.
و قد يعتمد البعض على الطقوس الدينية كبديل عن الشعور بالمسؤولية الأخلاقية وهذا ما يحدث عندما نرى كثير من الأشخاص ملتزمون دينيًا وسيئون أخلاقيًا ضنن منهم أن التزامهم بالطقوس الدينية تغنيهم عن الالتزامات الأخلاقية. كما أن لا يُمكن تعميم رأي المؤرخ “غوستاف لوبان” على جميع المجتمعات والأديان فان جميع الأديان في جوهرها تُقدم تعاليم أخلاقية سامية تُساعد على تحرير العقل من الجهل والخرافات ولكن كما هو الحال في أي مجال آخر يُمكن التفسيرات وأهداف وتوجهات هذه التفسيرات تتيح استخدام الدين بعدة طرق مختلفة جيدة وأخرى سيء تؤدي الى مصالح مخطط لها تحت غطاء عناوين الدين.
“المجتمع المهووس بالدين” تكمن خطورة الأمر في “المجتمع المهووس بالدين” حيث يُصبح الدين أداةً للتحكم والتلاعب بكل القناعات والأفكار والسلوكيات في الحياة وتستخدم في قمع الأفكار المُخالفة والمضادة وحتى الواعية في الدين نفسهُ وتحاول تحرر الآخرين من سطوة انحرافات التفاسير, يُمكن أن يؤدي ذلك إلى حالة التعصب والانغلاق و رفض الأفكار والآراء المختلفة والتمسك بأفكار جامدة تؤدي إلى العنف والتطرف و استخدام الدين لتبرير العنف والأعمال “الإرهابية” أن تخلف المجتمع و عدم تطوره في المجالات العلمية والثقافية بسبب سيطرة الأفكار الدينية المتشددة ففي “العصور الوسطى الأوروبية” سيطرت “الكنيسة الكاثوليكية” على جميع جوانب الحياة، حيث كان يسود المشهد “التخلف الحضاري” و توقف التقدم العلمي والثقافي و قمع العلم والمعرفة و حرق الكتب ومنع نشر الأفكار العلمية و اضطهاد المفكرين و تم قتل العديد من المفكرين الذين خالفوا تعاليم الكنيسة صعود اليمين المتطرف وتزايد الجماعات المهووسون بالدين يعرض الجميع الى خطر الوقوع في نفس الأزمة آلتي مرت بها “أوربا” في العصور الوسطى ففي صعود المتطرفين الذين تُسيطر عليهم الأفكار الدينية المتشددة والمتطرفة على المجتمع وتسلمهم مصادر القرار يُعيق التقدم ويُهدد الحق والحريات الفردية مما يؤدي إلى خراب أخر مماثل لما صنعه “د|عش” وقد يكون أسوء من ذلك بكثير كما ان ما يحصل في غزة من مجازر وقتل واضطهاد بغظ النظر عن الجوانب السياسية والاقتصادية في الامر لكن هنالك جانب رئيسي وأساسي هو الدين وصعود اليمين المتطرف إلى سدت الحكم.
لا يُمكن إنكار دور الدين في تشكيل القيم والمبادئ الأخلاقية لدى الأفراد لكن، من المهم أن يراقب و يُستخدم بشكلهُ الأخلاقية والقيمِ لتعزيز حالة التسامح والسلام والاحترام والعدالة يجب على المجتمعات أن يسعى إلى التوازن بين الدين والعقل لمنع استغلال الدين لأغراض سياسية أو قمعية تؤدي بنا إلى تطرف عنيف يجعل من الدين أفيون للشعوب .