الملتقى الثقافي النعماني

من كربلاء الحسين إلى اليوم … أين نحن من الإصلاح الذي أراده الحسين..؟

طارق المياحي

في العاشر من محرم من أرض كربلاء دوى صوت الإمام الحسين عليه السلام معلنا ثورته الخالدة: “إني لم أخرج أشرا ولا بطرا، ولا ظالما ولا مفسدا، وإنما خرجت لطلب الإصلاح في أمة جدي”.
لم تكن ثورة الحسين ثورة على حاكم فاسد فقط بل كانت ثورة على انحراف الأمة وعلى تراجع القيم وعلى تحول الإسلام إلى سلطة تتلاعب بها المصالح والأهواء

اليوم وبعد قرون من تلك الواقعة لا يزال صوت الحسين يدوي في ضمائر الأحرار لكننا نتساءل: أين نحن من ذلك الإصلاح..؟ هل بقي أثر من رسالة الحسين في واقعنا..؟ أم أننا اكتفينا بالشعائر ونسينا الجوهر..؟


في واقعنا العربي والإسلامي تتفشى مظاهر الفساد الإداري والمالي ويحرم الفقير من أبسط حقوقه ويمنح الفاسد مناصب لا يستحقها المجتمع يعاني من ضعف في العدالة وغياب للمساواة وتراجع في الأخلاق بينما نردد كل عام “يا ليتنا كنا معك يا أبا عبد الله”.

في كربلاء خرج الحسين ليقيم الحق ويسقط الباطل وفي مدننا اليوم يهان الحق ويرفع الفاسد، في كربلاء رفض الحسين بيعة الظالم ونحن في زماننا نبايع الفاسدين بالصمت والخوف والمجاملات.


الإصلاح الذي نادى به الحسين يبدأ من داخل كل فرد من الطالب الذي لا يغش والمعلم الذي يخلص والموظف الذي لا يسرق والمسؤول الذي لا يظلم والناخب الذي لا يبيع صوته، نحيي عاشوراء بالبكاء واللطم لكن الإصلاح لا يولد من الدموع فقط بل من العمل
ما فائدة مجلس عزاء إن كنا نكمل يومنا بالكذب والنفاق..؟ ما معنى أن نزور الحسين ثم نعود لنظلم أقرب الناس إلينا..؟ الحسين ضحى بأهله وأصحابه من أجل قيم لا تموت: الصدق، العدل، الكرامة، والحق ، فأين نحن من هذه القيم..؟ لماذا نعيش التناقض بين ما نقوله في محرم وما نفعله في بقية الشهور..؟

في كل سنة نجدد العهد مع الحسين لكن العهد لا يكون بالكلمات فقط، العهد مع الحسين أن نكون مثله: لا نساوم لا ننافق لا نركع إلا لله ولا نسكت عن باطل من كربلاء إلى اليوم لا تزال راية الحسين مرفوعة تنتظر من يحملها بصدق. فهل نحن أهل لذلك..؟ أم أن الحسين مات ليبقى حيا في التاريخ لا فينا..؟ إذا أردنا أن نحيي الحسين حقا فلنحيي مبادئه في حياتنا فلنرفض الفساد ولنصلح أنفسنا ولنصنع واقعا يكون فيه الحسين فخورا بنا كما نحن فخورون به.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *