الملتقى الثقافي النعماني

” التحول والتغيير عندما تتبدل الافكار والقناعات “

مصطفى محمد

كثيراً ما كُنا سابقاً نتأثر جداً بعدة عبارات اهمها هي ان القناعات ثابته ولا تتغير .. والاراء عبارة عن ثوابت لا يجب المساس بها ،، وان أُسس صناعة شخصية الانسان تنبُع من تزمتهِ وتبنيه لرأي وفكرة وقناعة واحدة لا يمكن ان تتغير ابداً ..

وهذا هو ما احدث تشققات رهيبة بوسط مجتمعنا حالياً حيث ان كُل فرد منا يشعر ان افكارهُ هي موروث خاص بهِ لا يمكن لها ان تتغير .. وان ثباتهُ عليها يحفظ له هيكليته التي تتناسب بصورة مباشرة مع بناء شخصيتهُ .. وهذه الحالة خلقت لنا مفهوماً اخراً استطيع ان اطلق عليهِ تسمية ” التحجر الذهني ” واصبحنا ايضاً بمأزق رهيب خوفاً من التخلي عن افكارنا ومعتقداتنا القديمة وايضاً مأزق اخر الا وهو صعوبة تقبل التغير نفسياً والتخلي عن العادات والمعتقدات القديمة ..

حيث يتجاهل الكثير منا طبيعة الافكار البشرية انها قابلة للتغير وكيف انها ليست جامدة او ثابتة بل متغيرة بطبيعتها حيث اننا حالياً لسنا كما كُنا قبل عام وعامين واكثر .. وهنا يكمن المحور الرئيسي اننا بطبيعة الحال متغيرين بأستمرار قناعاتنا تتغير بحسب الظرف والموقف وبحسب الفترة الزمنية التي نعيشها

فمثلاً تاريخياً شاهدنا تحول الطب من الاعتماد على الاساطير والتفسييرات الدينية الى التركيز على الأسس العلمية والتجريبية ..

ايضاً التحول الرهيب في المفاهيم السياسية والاجتماعية على سبيل المثال المساواة بين الرجل والمرأة والتخلي عن نظام العبودية السائد قديماً ..

وتغيير كبير في المعتقدات الثقافية والاجتماعية مثلاً الابتعاد عن حالات الزواج القسري وايضاً نبذ حالات الانتحار والتضحيات البشرية ..

كل هذهِ امثلة توضح كيف ان القناعات على مر العصور خضعت لتغيير كبير على عدة مستويات وخرجت لنا بنتائج لها تأثير لحد الان على حياتنا اليومية ..

واهمية التفكير المرن والأطلاع على افكار جديدة تنتج لنا حالة ذهنية مميزة وتجعلنا منفتحين فكرياً قدر الامكان ومستعدين لتقبل كُل الاراء والمعتقدات بحدود وسياقات مقبولة نستطيع من خلالها ان نشكل اصرة فكرية ممتازة ونخرج باستمرار بافكار جديدة من شأنها ان تساهم بشكل كبير بتنمية ذواتنا وتطويرها لابعد الحدود ..

وعلى الصعيد الفردي والمجتمعي يجب ان يفهم محيطنا ان تغير الاراء والقناعات ليس بالشيء المُعيب ابداً وانما هذا هو الاساس الصحيح لبناء بيئة من شأنها ان تساهم كثيراً بتطور الفرد اولاً وبناء مجتمع امن سلوكياً ومتغير ومنتج باستمرار للافكار والقناعات ..

وهناك تحديدا عدة محفزات التي تؤدي الى تغيير القناعات والافكار ، منها التجارب الشخصية التعرض لمعلومات جديدة ومناقشتها بصورة مفصلة ذاتياً وايضاً خلق بيئة باكبر عدد من الافراد قابلين ايضاً للنقاش والتعرض لافكار جديدة

و دينامكيات التغيير يجب ان تتم بصورة تراتبية وليست فجائية ، حيث يجب ان ينتقل الشخص تدريجياً من التساؤل ثم النقاش وثم طرح الموضوع من باب ايجابي وسلبي ومن ثم اخيراً تغيير القناعة بشكل مقبول ..

ومن حيث ادارة عمليات التحول الفكري والتغيير ، هناك مسؤولية تقع على عاتق كُل منا ، حيث اننا مسؤولين بشكل دقيق عن المواضيع التي نحاول مناقشتها وطرح التساؤلات فيها من حيث مقبوليتها الاجتماعية قابليتها للتغيير ايضاً ردود افعال الاخرين حول صياغة الموضوع وطرحهِ للنقاش ..

تُظهر هذه الأمثلة المتنوعة عبر التاريخ كيف أن الأفكار والمعتقدات البشرية ليست جامدة أو ثابتة، بل تخضع باستمرار للتحول والتطور. فما كان يُعتبر حقيقة راسخة في زمن ما، قد يتم التخلي عنه أو تغييره في زمن آخر.

وهذا ما يجعل من عملية تغيير الأفكار والقناعات أمرًا طبيعيًا وحتميًا في تاريخ البشرية. فالتمسك بآراء جامدة ورفض النظر في أفكار جديدة هو ما يحول دون التطور والتقدم. في المقابل، القدرة على إعادة النظر في المعتقدات والتكيف مع المستجدات هو ما يُمكِّن المجتمعات من الازدهار والتقدم.

لذا، يجب التنبه إلى أن ما نعتبره اليوم حقيقة مسلَّم بها، قد يتغير غدًا. وعلينا أن نكون مستعدين ومنفتحين على تقبل هذه التحولات المستمرة في الأفكار والمعارف البشرية.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *