مقالات

واسط بين عبث السلطة وصمت الرقابة

صفاء رشيد

في واسط تتجلى واحدة من أسوأ صور سوء استخدام السلطة لأغراض انتخابية حتى أصبحت هذه الممارسة سلوكًا شبه مألوف يطبع الحياة السياسية في المحافظة تستغل بعض الجهات نفوذها الحكومي لتسخير الموارد العامة وتوظيف المناصب والخدمات في سبيل كسب التأييد السياسي هذا السلوك لا يضرب فقط مبدأ تكافؤ الفرص بل يشوّه الإرادة الحرة للناخب ويحوّل مؤسسات الدولة من أدوات خدمة عامة إلى أدوات دعاية انتخابية رخيصة.

ما يُثير الاستغراب أكثر هو الغياب التام لأصوات التصدي لهذه الممارسات رغم أن واسط تملك 12 مقعدًا نيابيًا.! فهل رأى أحدٌ نوابها خارج مواسم الحملات الانتخابية؟ بعضهم لا نعرف حتى ملامح وجوههم!

والسؤال الأهم أين هي الجهات الرقابية المسؤولة عن الحد من هذا العبث؟ فهناك ست جهات رسمية ومجتمعية من واجبها مراقبة وضبط العملية الانتخابية لكن غيابها في واسط يدعو للتساؤل بل وللقلق فأين دور المفوضية العليا المستقلة للانتخابات؟ وهي الجهة الأولى المعنية بضمان نزاهة الانتخابات واستقبال الشكاوى المتعلقة باستخدام المال العام أو النفوذ السياسي فهل قامت بدورها في واسط؟

وأين دور هيئة النزاهة الاتحادية؟ والتي من المفترض بها متابعة قضايا الفساد وسوء استغلال المنصب فهل تحركت لمحاسبة من سخّروا سلطاتهم لخدمة أحزابهم؟ وأين ديوان الرقابة المالية؟

الذي بدوره يتابع صرف المال العام ويمكنه كشف الإنفاق غير المشروع أين هو من حملات البذخ المبكر في الإعلانات والدعاية من أموال الدولة؟

والكارثة الكبرى أين مجلس النواب العراقي؟ المؤسسة الرقابية ويا للمفارقة نواب واسط الـ12 هم أنفسهم جزء من هذهِ المنظومة الصامتة!! رغم امتلاكهم صلاحيات التحقيق والمساءلة ولكن هذه الدورة النيابية التي مرّت على واسط هي أسوأ وأتعس دورة فهي بلا لون ولا طعم ولا موقف!

وحتى المؤسسات التي يجب أن تكون مستقلة ومتحررة من السلطة فهي غائبة أيضًا.! فأين منظمات المجتمع المدني؟ التي من المفترض أن تكون عين الناس وضمير المجتمع! لكنها في واسط تبدو مغلولة اليد خافتة الصوت إن لم نقل غائبة تمامًا.

وحتى وسائل الإعلام التي لم تعد حرّة باتت شريكًا سياسيًا أفقدها النُطق بالحقيقة وتخلّت عن كونها شريكًا أساسيًا في كشف الانتهاكات ومراقبة الأداء وأصبحت صمّاء عمياء، خرساء كأنها لا ترى ما يحدث أو بالأحرى لا تريد أن ترى لحفظ مصالحها وتخادماتها.

ما يجري في واسط ليس فقط خللًا إداريًا بل انتكاسة حقيقية لجوهر العملية الديمقراطية ومتى ما استمر هذا التواطؤ و الصمت سيبقى الناخب يدفع الثمن وتبقى السلطة تُستغل لا لخدمة الناس بل للتمسك بكراسيها بأي وسيلة.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *