الملتقى الثقافي النعماني

قسوة أمنية تُربك الشارع وتستفز كرامة المواطن النعماني

حسين طهير

في الوقت الذي يعاني فيه العراقي من ضغوط المعيشة وانعدام الخدمات، جاء ما حصل في قضاء النعمانية مساء أمس ليضيف وجعًا جديدًا إلى يومياته: مشهد غير مبرر لقوة أمنية تقتحم سوقًا شعبيًا، وتتعامل مع الأهالي – لا كمواطنين – بل كمشتبه بهم.
من دون سابق إنذار، دخلت قوة أمنية السوق، وبدأت بإجراءات تفتيشية وصفها شهود عيان بـ”القاسية” و”المهينة”. أصحاب دراجات نارية، وسائقي عربات “التكتك” – وهم شريحة فقيرة من أبناء القضاء – كانوا في مرمى الاستفزاز. احتكاكات جسدية، أوامر قمعية، وتجاوزات لفظية وثقتها شهادات متطابقة، كلّها وقعت في غياب أي مبرر أمني واضح.

ما جرى لم يكن حملة أمنية على خلفية اضطرابات أو تهديدات. لم تكن هناك مظاهرات، ولا بلاغات عن خروقات. السوق كان طبيعيًا، والمواطنون يمارسون نشاطهم اليومي. لكن القوة الأمنية، تصرّفت وكأنها في ساحة معركة، لا في حي مدني.

وإزاء هذا السلوك، ينهض سؤال جوهري لا بد من توجيهه إلى الحكومة المحلية:
لماذا هذا التعسف؟ ومن فوّض هذا الأسلوب؟
أين محافظ واسط من هذه الحادثة؟ما موقف قائد الشرطة؟
هل تتابع إدارة مركز شرطة النعمانية أداء عناصرها ميدانيًا؟
ثم، من يتحمل مسؤولية ما جرى من إذلال واضح لمواطنين لم يرتكبوا جرمًا؟

الأسواق، بحسب الأعراف الأمنية، ليست ساحة استعراض للسلطة، ولا المواطن من ذوي الدخل المحدود يُعامل كمتهم لمجرد قيادته وسيلة نقل بسيطة. حين تنقلب وظيفة رجل الأمن من الحماية إلى الترهيب، فإن الخطر لا يكون على المواطن وحده، بل على صورة الدولة وهيبتها وثقة الناس بها.

النعمانية اليوم لا تحتج، ولا تتظاهر، لكنها تسأل. تسأل عن كرامة المواطن، عن توازن العلاقة بين السلطة والناس، وعن مصير تلك الثقة التي تتآكل كلما تغاضت الحكومات المحلية عن سلوكيات كهذه.
إن ما حدث يستدعي أكثر من بيان إنكار. يستدعي تحقيقًا شفافًا، ومحاسبة صريحة، وتغييرًا في نهج التعامل الأمني، خصوصًا في المدن التي لم تُعرف يومًا بأنها خارجة عن القانون.

فهل من مجيب؟
أم أن صمت المسؤولين سيبقى سيد الموقف كما جرت العادة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *