تحدث عن نفسك.. سؤال بسيط أم اختبار وجودي؟
حسين علي طهير
في كثير من المواقف، يُطرح علينا سؤال يبدو بسيطًا للوهلة الأولى: “تحدث عن نفسك.”
لكن ما إن نبدأ بمحاولة الإجابة، حتى نجد أنفسنا في حالة من التردد والارتباك، وكأننا فجأة لا نعرف عن أنفسنا سوى أسمائنا!
هذا التردد يفتح باب التساؤل: لماذا يصعب على الكثيرين الإجابة عن هذا السؤال؟
هل السبب هو قلة المعرفة بالذات؟ أم أننا نخشى الوقوع في فخّ “مداح نفسه كذاب”؟
أم أن الأمر أعمق من ذلك بكثير، يرتبط بطبيعة الإنسان المعقدة وصراعه الداخلي بين الرغبة في الظهور والخوف من الحكم؟
ما الذي يجعل السؤال صعبًا؟
تكمن صعوبة هذا السؤال في عدة عوامل تتداخل فيما بينها، منها الرغبة في تقديم صورة كاملة ومتوازنة عن الذات، خوفًا من أن نُغفل تفصيلة قد تكون مؤثرة، كأن ننسى أننا نحب الرسم أو أننا نمارس الرياضة، وهي تفاصيل صغيرة لكنها قد تُحدث فرقًا في نظرة الآخرين الخوف من الأحكام المسبقة التي قد يُصدرها الطرف الآخر بناءً على ما نذكره الارتباك بين ما نريد أن نقوله وما يجب أن نقوله حسب السياق: مقابلة عمل، تعارف جديد، أو مجرد فضول من شخص لا نعرف دوافعه السياق يصنع الفارق
من الضروري أن نفهم أن طبيعة الموقف تلعب دورًا كبيرًا في طريقة الإجابة. فالتعريف بالنفس في مقابلة توظيف يختلف كليًا عن تعريفها في جلسة ودية أو حديث عابر. كل موقف يتطلب مستوى معينًا من الإفصاح، وتحديدًا مناسبًا للمعلومات.
كيف نُعد أنفسنا لهذا السؤال؟
بدلاً من الارتباك، يمكننا أن نتعامل مع هذا السؤال كفرصة لفهم أنفسنا أكثر وفي كل مرة يُطرح علينا، من الأفضل أن نطرح على أنفسنا أسئلة سريعة تساعدنا في تحديد نوع الإجابة المناسبة:ما هدف الطرف الآخر من السؤال؟ما السياق؟ رسمي أم ودي؟ما الحدود التي لا أود تجاوزها؟ما الصورة التي أرغب أن أظهر بها أمام الآخرين؟
هذه الأسئلة تمنحنا سيطرة أكبر على الحوار، وتساعدنا في تقديم أنفسنا بطريقة صادقة، ذكية، ومتوازنة.
خطوة أولى نحو معرفة الذات
وربما الأهم من كل ذلك، أن نبدأ أولًا بالحديث عن أنفسنا… لأنفسنا.
أن نُمارس التأمل، ونحاول بصدق أن نُجيب عن سؤال: من أنا؟
فالمعرفة الحقيقية بالنفس لا تُبنى في لحظة، لكنها تبدأ بسؤال، وقد تتطور إلى رحلة طويلة من الاكتشاف.
فهل أنت مستعد اليوم أن تسأل نفسك: من أنا؟