مقالات

الحوادث المرورية في العراق : تزايد مستمر، و مسعف بلا منصف

احمد عبدالحسين

أصبح من المعتاد ان نسمع يومياً قصص عن حوادث مرورية تحدث هنا او هناك خصوصاً في الطرق الخارجية التي تربط بين المحافظات، و الأسباب كثيرة فما بين إهمال الطرق وتقادمها وبين الارتفاع الكبير في اعداد العجلات من دون افتتاح طرق إضافية أو بديلة، كما ان السرعة الفائقة لبعض السائقين وعدم الالتزام بالضوابط المرورية وفقدان التركيز اثناء القيادة، عوامل ادت الى تزايد اعداد الحوادث المرورية بشكل واضح.
و حسب إحصائيات الجهاز المركزي للإحصاء التابع الى وزارة التخطيط العراقية فان أرقام الحوادث المرورية تسجل ارتفاعاً خطيراً للسنوات الماضية ،
حيث كشف الجهاز المركزي للاحصاء في وزارة التخطيط عن تسجيل (١١) الف و(٥٢٣)حادثا مروريا خلال عام ٢٠٢٢ فقط منها (٣٠٧٩) حادثا مميتا، وغير مميت (٨٤٤٤) حادثا ، مقابل (١٠٦٥٩) حادث في سنة ٢٠٢١،
وفي نهاية عام ٢٠٢٣ أعلنت وزارة الداخلية العراقية عن تسجيلها سبعة آلاف حادث مروري خلال عام واحد،
وعلى الرغم من ان العدد يقل عن السنتين السابقتين، الا انه مازال يشكل مصدر قلق كبير يستدعي الوقوف عند المسببات والحلول الممكنة.

و على سطح هذه المشكلة تطفو عدة مشاكل اخرى ، ابرزها التبعات العشائرية و احياناً القانونية التي يواجهها المسعف او من يقوم بتقديم المساعدة للمتضررين في تلك الحوادث .
فعلى غرار باقي المواقف ، و من السلوكيات البديهية المعروفة عند الفرد العراقي بشكل خاص ، يهرع المحيطون بالحادث الى مساعدة المتضررين و المصابين بانتشالهم من مكان الحادث و تقديم الاسعافات الاولية لهم و نقلهم الى اقرب مستشفى بغية انقاذ حياتهم او تقليل الاضرار الجسدية التي تعرضوا لها ، الا ان ما يحز بالنفس و يبعث على الأسى و الأسف البالغين ان هؤلاء المسعفين يواجهون ملاحقات عشائرية و احياناً قانونية و كأنهم السبب في وقوع الحادث ، الامر الذي بدأت دائرته تتسع ، حتى أخذ البعض لا يأبه لوقوع حادث قريب عنه، فلا يبادر بالمساعدة ، بل و يحاول الابتعاد عن موقع الحادث لينأى بنفسه عن تلك المسائل .

أما عن الحلول الممكنة، فبطبيعة الحال لايمكن حصر هذه الاشكاليات في حل واحد، انما يجب الاخذ بعين الاعتبار جوانب عدة:

  • على المستوى الفردي ينبغي على كل سائق الالتزام الكامل بالضوابط المرورية و اجراءات السلامة والتركيز العالي اثناء القيادة ،
  • اجتماعياً ، تبرز اهمية نشر الوعي الثقافي بضرورة إنصاف المسعفين في الحوادث و حمايتهم عشائرياً بل والسعي الى تقديم الثناء و الشكر لهم و الاشادة بدورهم في انقاذ ارواح الناس و درء الخطر عنهم ،
  • أما في الجانب الإداري فيقع على عاتق الجهات ذات العلاقة ان تعمل على معالجة المعوقات والعراقيل المرورية و إعادة تأهيل الطرق المتقادمة وتوفير الاشارات و العلامات المرورية ، كما تبرز الحاجة الى إنشاء طرق اضافية لتكون بديلة للطرق الحالية او ساندة لها بغية استيعاب الاعداد الكبيرة للعجلات .
  • و على الصعيد القانوني فالعراق بحاجة ماسة الى تشريع و تفعيل عدة قوانين تكون كفيلة بتطبيق الضوابط المرورية و ردع المخالفين لها، اضافة الى قوانين لحماية المسعف من التبعات العشائرية، كذلك القوانين التي من شأنها تفعيل دور التأمين الصحي لتعويض المتضررين جراء الحوادث المرورية .

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *