مقالات

عاجل …

عباس العيد الموسوي

زلزال مدمر ضرب أحدى مدن أرمينيا ، هكذا نقلت وسائل الإعلام خبر أقسى زلزال حدث بالقرن العشرين في عام 1989 الذي اودى بحياة أكثر من خمسة وعشرين الف شخص خلال دقائق قليلة ، حتى تحولت المدينة إلى خرائب متراكمة ، وشلت الحركة فيها تماما ، وعم الهدوء بعد موت أهلها ، ومنها توقفت ضوضاء وملوثات مصانعها ، وذهب ضجيج وإزعاج حركة سير مركباتها

ولكن بطرف تلك المدينة المنكوبة كانت هناك قرى محيطة بها لم تتضرر كثيرا ، ومن ضمن هؤلاء الناجين فلاح وزوجته ، وما ان أطمأن ذلك القروي على زوجته ذهب مسرعا نحو المدينة الخربة التي تضم مدرسة ابنه الوحيد ، وعند وصوله للمدرسة أنصدم وخارت قواه فلم يجد منها غير حطام وحجارة

وبينما هو واقفا مذهولا تذكر قوله لأبنه “مهما كان سأكون دائما بجانبك” ، وما هي إلا لحظة حتى أسترد قوة إرادته ومسح دموعه ونظر نحو كومة الأنقاض ليحدد موقع الفصل الدراسي لأبنه وأتجه نحوه وجثى على ركبتيه وبدأ يحفر وسط يأس وذهول شبه تام

حاول رجال الأطفاء والشرطة ومن كان ناجيا من تلك الكارثة الطبيعية أن يمنعاه من هذا الفعل الجنوني فالكل يقول له ، لقد فات الآوان ، لقد ماتوا ، أما هو فما كان منه إلا أن يقول ، أما أن تساعدوني أو تتركوني ، واستمر يحفر ويزيح الأحجار بدون كلل أو ملل بيديه النازفتين لمدة 37 ساعة

حتى بانت فجوة فصاح منها ينادي على ابنه “ارماند” فأتاه صوت ابنه ، انا هنا يا ابي ، لقد قلت لزملائي ، لا تخافوا سيأتي أبي لينقذني وينقذكم لأنه وعدني “أنه مهما كان سيكون بجانبي” ، مات من التلاميذ 14 ، وخرج 33 كان اخر من خرج منهم “ارماند”

ما الذي دفعك أن تواصل قراءة تلك القصة الحقيقية ، بالتأكيد لتعرف نهاية جنون ذلك الفلاح ، قد تكون بأعين الناس مجنونا وأنت تحاول الوصول إلى أعلى القمة ، إذا أنا من الآن مجنونا فما أحلى لذة ذلك الجنون الذي سيصل بي إلى النجاح

كم من الناس تحاول إيقافك حسدا او ظلما او عدوانا او حتى عطفا سلبيا ، قطعا الرغبة على تخطي الصعاب وتجاوز المحبطات والمثبطات هي سمة الناجح

لننطلق من الآن بكل ثقة نحو الإرادة ، ونتجاهل طنين الذباب ، ونمسك برغباتنا وطموحاتنا وننقلها إلى التطبيق العملي على ارض الواقع ، فالنجاح هو العمل والعزيمة والإرادة ، وما تنجمع تلك السمات إلا بالصبر الجنوني بغية الوصول إلى الهدف المرسوم ..

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *