الملتقى الثقافي النعماني

بدعة الثلاث سنين تُجهز على أحلام الحالمين

محمد حمزة الصبار

إضافة لخروجها عن قاعدة سنوية الموازنة موازنة الإطار التي أعدت بصيغة سياسية تفتقر للرؤية الاقتصادية الحقيقية بعيدةٌ عن المهنية والموضوعية متجاهلة كل التحذيرات من الشخصيات المهنية وأصحاب التخصص بخطورة ما تضمنتهُ فقراتها من جداول و أرقام لم تقع بين أيادي أمينة وذات دراية ومعرفة بالمبادئ الاقتصادية البسيطة حت .

 لذلك فهي أعدت بطريقة سطحية غير مهنية من بداية اعدادها بصيغة ثلاثية مستندين بذلك على ما ورد من توصيات قانون الإدارة المالية في المادة الرابعة منهُ والتي اجيزت للحكومة خلال عمرها تحويل منهاجها الوزاري في خطة مالية لثلاث سنوات او أربعة ، وبذلك تجزء بخطط أداء سنوية من خلال الموازنة بعيداً عن المساس بجوهر او قاعدة سنوية الموازنة .

لذلك مجرد اعدادها لثلاث سنوات هو خطأ فادح بحد ذاته خارج عن المبادئ والقواعد المالية والاقتصادية العلمية المتعارف عليها، متناسين صعوبة الرقابة والتدقيق في ظل غياب دور الحسابات الختامية في نهاية الفترة الزمنية للسنة المالية والتي تنسجم مع قاعدة سنوية الموازنة والتي تساعد في إعداد الموازنة للسنة اللاحقة اعتماداً على البيانات الواردة للسنة السابقة ، وكذلك في مساعدة ديوان الرقابة المالية في الرقابة والسيطرة على مصير وحركة الأموال وضمان تدوير ماتبقى منها في نهاية السنة إلى السنوات اللاحقة . مع العلم ان اغلب موازنات السنوات الماضية لم تصرف في أفضل الحالات 80 ٪ منها لذلك يمكن وصف تلك الموازنة بموازنة المال السائب .

أما الجانب الآخر وهو حجم الإنفاق الكارثي الذي رجح كفة الجانب التشغيلي على الجانب الاستثماري بثلاثة أضعاف والذي يأخذ شقين :- التشغيلي والاستثماري :  فقد تضمن التشغيلي (150) ‪ ترليون دينار جاءت بعناوين عامة دون الخوض بتفاصيلها وتوضيح مدى مساهمتها في تنمية القطاعات الاقتصادية التي تعاني الإهمال والهيكلة على مدى السنوات الماضية بأستثناء فقرة الرواتب والبالغة ( 62) تريليوناً، اما ماتبقى من الإنفاق التشغيلي والبالغ ( 88) تريليوناً جاء ضمن فقرة مخصصات وبرامج دون توضيح لماهية تلك المخصصات والبرامج والغرض منها وما تلتهُ من بنود تحمل بين طياتها الكثير من علامات الاستفهام ، ناهيك عن عدم الإدراك بأن الاقتصاد العراقي اقتصاد ريعي يعتمد على النفط كمصدر وحيد للموازنة ، مع احتساب سعر البرميل ب (70) دولار والذي اخذ بقيمة حرجة جدا مقاربة لسعر السوق السائد دون هامش امان مع عدم الاكتراث للمتغيرات في الساحة الدولية والتي تنكعس بالسلب على اسعار النفط فنحن صراحة أمام كارثة حقيقية غير محسوبة .

لذلك من تكلم صراحة عن انجاز او انتصار من السادة أعضاء اللجنة المالية في وقتها فهو لن يتعدى كونه دعاية انتخابية مبكرة ولم يغير من حقيقة ما تضمنتهُ فقراتها من جداول وأرقام بعيدة كل البعد عن المهنية والأمانة الوطنية ، سوى اسطوانتهم المعهودة والتي تعودوا ان يسوقوا لأنفسهم من خلالها انتخابياً تارة ضد أبناء المكون السني واخرى ضد أبناء المكون الكردي دون الترفع و عدم مراعاة المصلحة الوطنية العامة . مع اني مع سلطة وسيادة المركز على كل أراضيه و موارده لكن لو يسأل سائل هل الماده المتعلقة بتسليم إيرادات الإقليم بنفس القدر و الأهمية مع تقليص الإنفاق الكارثي ؟ اكيداً لا . بنفس القدر مع نسبة العجز المخيف الذي وصل إلى 30% والذي يخالف قانون الإدارة المالية الذي إشارة إلى عدم إمكانية تجاوز العجز نسبة ال 3 % متعديا بذلك عشرة أضعاف ذلك الرقم ؟ بنفس الأهمية مع المادة (16) المتعلقة بإطفاء الديون والسلف التي بذمة الشركات والمسؤولين والبالغة قرابة المئة مليار دولار والتي تعد اكبر سرقة مشرعنة ؟ ، بنفس الأهمية مع ملف التعيينات المبالغ فيه والذي سبب ترهل و بطالة مقنعة داخل دوائر الدولة و أثقل كاهل الموازنة ؟ اكيداً لا .

اليوم وخارج المألوف اقتصادياً يعرض على أعضاء اللجنة المالية البرلمانية نية الحكومة بالتعديل على مشروع قانون الموازنة لسنة 2024 والتي هي امتداد لسنة 2023 وذلك التعديل يقتضي زيادة حجم الإنفاق من (197) ترليون دينار إلى(228) ترليون نتيجة للأعداد الهائلة التي شملتها شبكة الرعاية الاجتماعية والدرجات الوظيفية التي اطلقتها الحكومة، إضافة إلى التخصيصات التي ستضاف لمجالس المحافظات بأعتبار او حسب رغبتها في أولوية الإدارة والتنفيذ للمشاريع الاستثمارية، يرافق ذلك ارتفاع في نسبة العجز المخيف الذي وصل إلى (90) ترليون بعدما كان في السنة السابقة (65) ترليون للعلم ان الإيرادات المتحققة من فرق سعر النفط المعتمد عند التخطيط للموازنة والذي قدر ب (70) دولار للبرميل هي (125) ترليون عن المخطط وهو (117) ترليون حسب سعر البيع المعتمد من شركة سومو وهو 78 دولار للبرميل ذلك الفارق ذهب للتغطية عن العجز الحاصل في الإيرادات غير النفطية ، بعدما وضعت الحكومة سقف عالي للايرادات غير النفطية وهو (17) ترليون دينار بينما المتحقق الفعلي هو (7) ترليون دينار وذلك استكمالاً لسيناريو التخبط المعهود حيث كانت في الموازنات السابقة الحكومات تلجأ لعمل موازنة تكميلية ان تحقق زيادة في سعر البيع في السوق عن سعر النفط المعتمد في الموازنة وهذه بدعة اخرى من مسلسل اجتهادات السرقة والعبث بالمال العام يعني ما الضير من عدم تدوير الأموال للسنة اللاحقة ونحن في افضل الحالات كما أشرت أعلاه لم نصرف 80٪ من الموازنات السابقة

 . كل المؤشرات تنذر بتداعيات خطيرة وغير مستوّعَبة ستلقي بضلالها علي الاقتصاد العراقي في غضون السنوات القادمة .

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *