الملتقى الثقافي النعماني

تعصبٌ جَهويٌ أم جهلٌ سياسيٌ؟

ضياء القريشي

من المعروف لمن يملك أدنى ثقافة في المجال السياسي أن السياسة هي فن الممكن، كما عبّروا عنها، وأنه لا صديق دائم ولا عدو دائم في قانون السياسة. من الملفت للنظر أن بعض، بل ربما أغلب، المنتمين لجهات سياسية يتحدثون عن خصومهم بتعصبٍ جهويٍ أو بجهلٍ سياسيٍ. فمثلاً، إذا اتخذ حزبه موقفًا ما، أخذ بالاطراء والمدح، وأصبح خبيرًا استراتيجيًا في سياسة الشرق الأوسط، ويطلق التحليلات التي يريد من خلالها إظهار جهته السياسية أنها الأصلح لقيادة الأمة. وفي حال اتخذ خصمه موقفًا مشابهًا لموقف جهته، أطلق هذا المحلل العبقري تحليلاته في تخوين هذه الجهة أو تلك. والمضحك المبكي أن جميع الجهات السياسية في العراق هذا هو ديدنها. الأمر لا يقتصر على جهة دون أخرى، إطلاقًا.

ومن المعلوم أن الانتماء السياسي بحد ذاته ليس بالشيء المعيب ولا المحرم، لكن المعيب والذي يقلل من شخصية الإنسان هو أن يكون تابعًا ذليلًا لحزبه، ولا يمكنه أن يتفوه بكلمة واحدة تخالف التوجهات العامة للجهة التي ينتمي لها.

أقول: إذا أراد الإنسان أن يدخل معترك السياسة، فعليه أن يكون أولاً محبًا لوطنه، لا لحزبه، وأن يقدم مصلحة الوطن أولًا وآخرًا. وعليه أن يكون مثقفًا، ولو بالمقدار المتيسر. فإذا تحدث، أنصف بالقول، أو يصمت ويترك الكلام لغيره. لأنه أحيانًا أرى بعض المتطفلين يشتم هذا ويقدح بذاك، وإذا جاء موقف حزبه مغايرًا لما قال، فيتغير موقفه ويحذف تعليقه، وهنا يكون قد أهان نفسه وحقرها.

الشيء الآخر أن هذه الجهات السياسية هي من تتحمل وزر هذه التصرفات. فمن المفترض أن هناك رقابةً إعلاميةً لكل حزب تتابع المنشورات، وحتى التعليقات التي تصدر عن المنضوين تحت عباءة هذه الجهة أو تلك، لأنها تعكس الوجه الحقيقي لهذا الحزب أو الجهة السياسية. وأول ما يقع ضرر هذه المنشورات عليهم، لأنها تُظهر المستوى الثقافي الضحل لهؤلاء المتحزبين.

كما أتمنى من جميع الأخوة المتحزبين إن صح التعبير أن يتركوا لغة التخوين ولغة الشتم وإطلاق بعض المفردات المعيبة بحق بعضهم، لأنه بالنتيجة الجميع عراقيون، والجميع في مركب واحد اسمه العراق.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *