الملتقى الثقافي النعماني

حين تُضرب إسرائيل… تسقط أكذوبة “الجيش الذي لا يُقهر

حازم الصائغ

مرة أخرى، تثبت ايران أنها ليست دولة تؤخذ على حين غفلة، ولاتمر عليها الضربات دون رد.
ففي مشهد غير مسبوق، وجهت إيران صفعة قاسية للاحتلال الإسرائيلي، ردا على عدوانه الصريح على أراضيها، والذي خلف شهداء من أبرز قاداتها وعلمائها . لكن الرد لم يكن تقليديا، بل جاء مدروسا، صادما، وقادرا على إعادة رسم معادلات الردع في المنطقة.

فبعيدا عن ردود الفعل الانفعالية، اختارت إيران أن تجعل ردها على “إسرائيل” رسالة للعالم أجمع، لا مجرد فعل عسكري عابر.
فعبر أكثر من مئات الطائرات المسيّرة والصواريخ الباليستية، التي بينها صواريخ فرط صوتية، استطاعت إيران أن تصل إلى العمق الاستراتيجي للكيان، مستهدفة:
• وزارة الأمن داخل تل أبيب
• مطارات عسكرية
• مراكز للموساد
• منشآت حيوية أخرى

في سابقة تعد الأولى من نوعها منذ تأسيس الكيان، تضرب “إسرائيل” من مسافة تفوق الألف كيلومتر، وتتلقى الضربة مباشرة، رغم تقنيات الحماية والدعم الأميركي والغربي.
لم يفعلها سابقا غير العراق في 18 يناير عام 1991، باطلاق 38 أو 39 صاروخ سكود (أرض أرض) استقرت في تل أبيب وميناء حيفا وصحراء النقب، ما خلف عشرات القتلى والجرحى والاف حالات الهلع والفزع.

ما يثير الغضب والاستغراب في آن واحد ، هو صمت المجتمع الدولي المريب أمام العدوان الإسرائيلي المتكرر في المنطقة:
• بالأمس دمّرت “إسرائيل” غزة ، وقتلت آلاف الأطفال والنساء تحت حجج واهية.
• وكذلك فعلت بالضاحية الجنوبية في لبنان، وأوقعت شهداء من مدنيين وعسكريين.
• وايضا الحال طال اليمن وسوريا واليوم، تطال يدها إيران ذات السيادة، في اعتداء يُخالف كل الأعراف والمواثيق الدولية.

ومع ذلك، حين تمارس إيران حقها المشروع في الرد والدفاع، ترتفع الأصوات الغربية والعربية متسائلة: لماذا ترد إيران؟ وكأن السيادة الإيرانية مباحة، والرد على العدوان محرّم عليها!

وسط هذه الأحداث، يظهر دور الإعلام كأداة مصيرية في مواجهة الظلم والانحياز. فقد حان الوقت لوسائل الإعلام الحرة، وخاصة العربية، أن تتوقف عن مجاراة السردية الغربية الجاهزة، التي تبرر للقاتل وتدين الضحية.

ينبغي أن تسلط الأضواء على:
• الجرائم الإسرائيلية المتكررة بحق المدنيين في غزة، ولبنان، وسوريا، واليمن ، وإيران
• السياسات التوسعية للكيان الصهيوني التي تهدد السلم في المنطقة
• الدعم الأميركي المفتوح لهذا الكيان، على حساب دماء الأبرياء

الإعلام المهني الحقيقي لا يجب أن ينجر خلف العناوين المصممة في تل أبيب أو واشنطن. بل يجب أن يكون لسان الشعوب، وأن يُظهر الحقيقة كما هي، بلا رتوش أو خنوع.

الرد الإيراني لم يكن مجرد رد عسكري، بل إعلان واضح أن زمن “إسرائيل لا تُضرب” قد انتهى.
فمنذ عقود، كانت إسرائيل تقصف، تغتال، وتدمر دون أن تمس. اليوم تغير هذا المشهد جذريا إيران تقول: لن نصمت بعد الآن.

وفي هذا التوقيت الحرج، لا بد للإعلام الشريف أن يتحدث بوضوح:
• العدوان هو من بدأته اسرائيل.
• وإيران مارست حقها المشروع في الدفاع.
• والسكوت عن جرائم الاحتلال مشاركة فيها.

من يدين الرد الإيراني، فليسأل نفسه: أين كان ضميره حين دمرت غزة؟

لن تستطيع الدعاية أن تُخفي الحقيقة طويلًا. فالعالم اليوم يرى ويسمع.
والشعوب بدأت تدرك من هو المعتدي ومن هو المعتدى عليه.
وإذا كانت بعض الحكومات تخشى قول الحق، فعلى الإعلام أن لا يكون أداة في يد الظالم.

فالسكوت عن الظلم خيانة، وتزييف الحقيقة جريمة.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *