” الانتخابات العراقية القادمة صراع بين الطموحات الحزبية والواقع الأليم “
مصطفى محمد
ان ممارسة العراقيين لحقهم الأنتخابي ليس بالأمر الجديد فقد عرف العراقييون حقهم بالأنتخاب واخرها انتخابات مجالس المحافظات والانتخابات المبكرة الماضية ، لكن اذا اردنا ان نقيس مدى ايمانهم بالعملية الانتخابية والية ايمانهم بمن يمثلهم نكاد ان نراها شبه معدومة بل وحتى يائسة حيث فقد معظم ابناء الشعب ايمانهم بطريقة التغيير هذه ، وفي كُل مرة اخذ الشعب يملئ صناديق الاقتراع الأنتخابي ، صُدم بعدها لعودة الاحزاب السياسية ” لصراع المحاصصة وتقاسم الكعكة “
متمثلاً اولها بسوء الأدارة وطرق تفشي الفساد وتبديد الأموال وسوء استخدام السلطة وقضايا الفساد الرنانة التي تُنهك موارد الدولة العراقية
وطرق الأستقطاب السياسي التي توضح لنا مدى تنافر الاحزاب السياسية فيما بينها مما يخلق جواً للتوتر الأجتماعي ويبين ان الاستحقاق الانتخابي ما هو الا ساحة للتناحر السلطوي وطريقة لبسط السيطرة على مفاصل الدولة ومن جانب اخر رؤية التدخلات الخارجية الواضحة بالتأثير على طريقة سير الانتخابات وطريقة اختيار المناصب الرئاسية والسيادية والأهم من ذلك هو عدم تحقيق الوعود الأنتخابية المتمثلة بتحسين الواقع التعليمي والصحي والخدمي والوظيفي وايضاً الفشل الذريع بتحقيق برامجهم الأنتخابية والتي تصبح فيما بعد مجرد حبر على ورق
واذا راجعنا نسب المشاركة في الانتخابات في اخر الدورات البرلمانية نلاحظ ما يلي :
وفي عام 2014 بلغت نسبة المشاركة 40%
وعام 2018 بلغت نسبة المشاركة الحقيقية 32%
في عام 2021 بلغت نسبة المشاركة الحقيقية 21%
وبهذا نلاحظ التفاوت الرهيب باخر ثلاث دورات برلمانية ونستنتج من ذلك ان الشعب العراقي اجمع قد فقد ايمانه المطلق بكامل العملية الأنتخابية ولم يعد يثق ابداً بالبرامج الانتخابية الرنانة ولا بالاحزاب السياسية الحاكمة فمنذ 2003 الى اليوم تكررت نفس الوجوه وتكررت ذات الأحزاب الى الواجهة وفشلت كل الشخصيات ان تثبت وجودها وكفائتها في ظل الاستمرار ذاتهُ بنفس النهج واذا اردنا ان نراجع استطلاعات الرأي بالشارع العراقي حول الانتخابات القادمة اكثر من 60% ينوي عدم المشاركة ويرفض حتى تحديث بطاقتهِ الألكترونية وفقدانه الكامل بالوجوه الموجودة وانتمائاتهم الحزبية ويخاف من تكرار ذات التجربة ، ومن جانب اخر نلاحظ التغييرات الأجتماعية التي واجهت مجتمعنا اخيراً وكيف تغيرت وجهات النظر الناخبين بالفترة الاخيرة ..
وفي ظل مقاطعة الحكومات والاحزاب السياسية لمنظمات المجتمع المدني غاب دورها الاساسي بخلق منصات حوار بين المرشحين والناخبين وايضاح وجهات النظر والمسائلة فيما بينهم وتعزيز مبدء المسائلة والشفافية ..
ومن ناحية اخرى دور الأعلام ايضا كناقد لاذع وكاشف رئيسي للفساد وسوء الادارة وسهولة وصولها للمتلقي مما اسهم ايضاً بشكل رئيسي على ثقة الناخبين بكامل العملية الانتخابية
وفي الختام، يتضح أن هناك مجموعة من العوامل المعقدة التي تسهم في هذه الظاهرة. فقد أثبتت التجارب التاريخية، الانقسامات السياسية، الفساد المتفشي، والدور المتزايد للإعلام، أن الثقة بين الناخبين والأحزاب السياسية قد تآكلت بشكل كبير.
لكي تتمكن الأحزاب من استعادة هذه الثقة، يجب عليها اعتماد سياسات شفافة، وتعزيز المساءلة، والتفاعل بشكل فعّال مع المواطنين. كما يُعدّ دور الإعلام حيويًا في تشكيل الرأي العام، حيث يمكن أن يسهم في تعزيز الشفافية أو، على العكس، في تقويض الثقة من خلال نشر المعلومات المضللة أو التركيز على السلبيات.
إن استعادة الثقة ليست مهمة سهلة، لكنها ضرورية لضمان مشاركة فعالة في العملية الديمقراطية. من خلال العمل الجماعي بين الأحزاب والمجتمع المدني، بالإضافة إلى تعزيز التعليم والتوعية، يمكن بناء قاعدة صلبة لاستعادة الثقة في المستقبل.
أخيرًا، يبقى الأمل معقودًا على قدرة القوى السياسية والمجتمع على تجاوز التحديات الحالية وبناء بيئة سياسية أكثر شفافية ومساءلة، مما يسهم في تعزيز الثقة ويحفز الناخبين على المشاركة الفعّالة في الانتخابات القادمة.