مقالات

صبيا بعمر الستين ..

عباس العيد الموسوي

من منا لا يتمنى أن يعود به العمر قليلا إلى الوراء ، حيث الصبا وحكايا الطفولة واللهو واللعب وخلو البال من الهموم

من منا لا يتمنى ان يعود به الشباب ولو يوما واحد ، مهلا لكن الواقع دائما ما يكون بعيدا عن الأمنيات ، فهي سنوات تذوب سريعا كما تذوب حبات الملح على شفاه المحيط

أن كنت تريد العودة إلى حيث الصبا لا تحاول البحث بعيدا عن هذه السطور ، نعم تعال معي لأبين لك خسارة هذا العمر فقد مرت أيامنا دون أن ندري ، إذ كنت تريد البقاء صبيا أركب معي هذا المركب لنبحر في بحرا متلاطم بمد الكلمة وجزر المعنى

على غفلة من الدهر ونحن بمقتبل العمر حيث البراءة والطفولة الرفرافة نحاول بكل شكل ان نكون بعيدين عن المسؤولية وهموم الناس ، ولكن الأغلب كان يتعامل معنا على أننا لسنا صغار.

بل يؤكدون على أننا رجال ويجب ان لا نتحرك من مقامنا إلا بإذن ، وأن لا نتحدث بجرأة امام الغريب ، وأن لا نعبر عن ما في خلجاتنا من شقاوة ومزاحا ولهوا ولعبا لتفريغ ما بداخلنا من طاقة ومشاعر وأحاسيس ، كل ذلك وأكثر ممنوع ومحظور فعله

وبينما نحن كذلك نشعر بقوة خارقة ودافع لا شعوري ، لا إرادي ، يحفزنا على الإنطلاق كالطيور الحرة دون قيود او قوانين ، ولكن نصطدم بصخرة صلدة لها عدة أنظمة تكسر كل بذرة إندفاع ومنها ، لا تكن طفلا ، “لا تصير زعطوط

والأقسى من ذلك كله قد يظلمنا القدر وفق القانون الطبيعي لولادتنا حسب تدرج طبقات مستوى معيشة البشر حتى نجد انفسنا نعيش مع عائلة لا تريدنا أن نتمتع بطفولتنا الطبيعية فحسب

بل تحاول أن تجعل منا رجال اعمال بأي صورة وتحملنا المسؤولية وتفرض علينا العمل وتجبرنا على ترك الدراسة وتنهي كل احلامنا وتجهدنا بالعمل وكأن لدينا أطفال نكافح من اجلهم لسد إحتياجاتهم ، بل وهناك من يدمر روح الصبا التي بداخلنا بزجنا في أقذر المهن المذلة كالتسول .

دع روح الصبا التي بداخلك تنطلق ولا تغتالها فأن قتلتها سوف تشيخ بعمر الست او السبع سنوات ، ولا تهتم لمن يقول لك “كن رجلا لا تكن طفلا” فذلك الناصح مهما كانت درجة قرابته منك سيدمر معنوياتك من حيث يدري او لا يدري فهو يسعى لتدمير حياتك ويعمل على تسارع مراحل شيخوخة روحك المعطاء ويذبح كل إبداع في مهده ، كن صبيا وان كنت بعمر الستين او حتى السبعين أو حتى ، حتى ، حتى   ..

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *